التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كشفت هذه الحرب عن مدى الضعف الذي وصلت إليه الدولة العثمانية؛ حيث لم تقدر على مواجهة جيوش هزيلة كتلك التي يقودها الزنديون في هذه المرحلة التاريخية.
كانت أخبار الهزيمة العثمانية من الروس قد انتشرت في الدنيا تاركةً ظلالًا مريرة في كلِّ مكان! فكَّر كريم خان شاه دولة الزند الناشئة في إيران في غزو العراق، مستغلًّا حالة فقد التوازن التي تُعاني منها الدولة العثمانية، ومستغلًّا كذلك الانفصال غير الرسمي للعراق عن العثمانيين، وحُكْمَها بواسطة المماليك، بالإضافة إلى إدراكه أن السلطان المعاصر -عبد الحميد الأول- ذو إمكاناتٍ ضعيفة، ولن يقوى على مجابهة جيوشه.
اختار كريم خان أن يوجِّه ضربته إلى البصرة، لكونها أضعف، و-أيضًا- لأهميَّتها التجاريَّة على الخليج العربي، خاصة مع وجود فرع الشركة الشرقية الهندية البريطانية بها[1]. حاصر الجيش الإيراني بقيادة صادق خان، وهو أخو الشاه كريم خان، البصرة في أبريل 1775م، ولم يتمكن العثمانيون من إرسال سوى قوَّاتٍ محدودةٍ وصلت إلى بغداد، ولم تُكمل طريقها إلى البصرة لحدوث خلافاتٍ بين قادتها[2][3]. لم يكن الجيش العثماني منكسرًا فقط من جرَّاء هزائمه من الروس، ولكنه كان منشغلًا كذلك باضطرابات فلسطين ولبنان، ممَّا أفقده القدرة على متابعة مسئوليَّته في العراق.
ظلَّ الحصار مدَّة عامٍ كاملٍ دون استجابةٍ عثمانية، ثم سقطت المدينة في يد الإيرانيين في 16 أبريل 1776م[4]. حَكَمَ الإيرانيون البصرة لمدَّة ثلاث سنواتٍ دون معارضةٍ كبيرةٍ من المماليك، ودون أيِّ ردِّ فعلٍ من الدولة العثمانية[5]، وكان من الممكن أن يتطوَّر الأمر إلى احتلال العراق بكامله لولا موت شاه الزند كريم خان في 2 مارس 1779م[6]. قامت بعد موت الزعيم الإيراني عدَّة فتن للتصارع على الحكم، واضطر صادق خان إلى ترك البصرة للمشاركة في التنافس على الحكم، وحُرِّرت بذلك البصرة، وتولى صادق خان حكم الدولة الزندية بعد صراعاتٍ مريرة بدايةً من 22 أغسطس 1779م[7].
كشفت هذه الحرب عن مدى الضعف الذي وصلت إليه الدولة العثمانية؛ حيث لم تقدر على مواجهة جيوشٍ هزيلةٍ كتلك التي يقودها الزنديون في هذه المرحلة التاريخيَّة![8].
[1] إقبال، عباس: تاريخ إيران بعد الإسلام من بداية الدولة الطاهرية حتى نهاية الدولة القاجارية، راجعه: السباعي محمد السباعي، نقله عن الفارسية وقدم له وعلق عليه: محمد علاء الدين منصور، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، 1989م. صفحة 732.
[2] الكركوكلي، الشيخ رسول: دوحة الوزراء في تاريخ وقائع بغداد الزوراء، نقله عن التركية: موسى كاظم نورس، دار الكتاب العربي، بيروت، (دون سنة طبع). الصفحات 150-155.
[3] لوريمر، ج . ج.: دليل الخليج، قسم الترجمة–مكتب أمير دولة قطر، قطر، (دون سنة طبع). صفحة (القسم التاريخي) 1/236.
[4] Jaques, Tony: Dictionary of Battles and Sieges, Greenwood Press, Westport, CT, USA, 2007., vol. 1, p. 113.
[5] Sykes, Sir Percy: A History of Persia, Routledge, New York, USA, 2004., vol. 2, p. 281.
[6] براون، إدوارد: تاريخ الأدب في إيران، ترجمة: محمد علاء الدين منصور، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م. الصفحات 4/133، 134.
[7] Farrokh, Kaveh: Iran at War: 1500-1988, Bloomsbury Publishing, 2011., pp. 159-160.
[8] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 2/ 919- 920.
التعليقات
إرسال تعليقك